اضطرابات عديدة وأسعار قياسية بأسواق القمح العالمية خلال 2022.. ماذا عن أبرز ملامح 2023؟
شادي ممدوح أسواق للمعلوماتعانت أسواق القمح العالمية بشدة، خلال العام الماضي، من حالة من الاضطرابات المخيفة؛ دفعت بالأسعار العالمية إلى مستويات قياسية، بسبب عوامل كثيرة، أبرزها- والتي لا تخفى على كل ذي عينين- الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أثرت بشكل مباشر على إنتاج وأسعار القمح في العالم، فضلاً عن الجفاف الذي يهدد الإنتاج العالمي أينما حل وارتحل.
وفيما يلي، نوضح عرضًا لأهم المسببات الأساسية لاضطرابات أسعار القمح خلال 2022، مع إلقاء نظرة عن توقعات العام الجديد 2023، على النحو التالي:
أبرز الأحداث تأثيرًا على الإنتاج العالمي في 2022
الحرب الروسية
أثرت الحرب الروسية ثأثيرًا بالغ السوء على إنتاج القمح في العالم، خلال العام الماضي، حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا؛ إلى زيادة عدم اليقين بشأن الإمدادات الزراعية العالمية، والتجارة على المدى القصير إلى المتوسط، حيث يؤدي الصراع، إلى تعطيل الديناميكيات المادية واللوجستية والسوقية بشكل مباشر في منطقة البحر الأسود، وهي مورد رئيسي للقمح، وفي مقدمتها دول الشرق الأوسط بنسبة 39%، وإفريقيا بنسبة 20%، وآسيا بنسبة 31%، والاتحاد الأوروبي بنسبة 7%؛ وفقًا لبيانات الخدمة الفيدرالية الروسية لمراقبة الصحة البيطرية والنباتية.
وأفادت نقابة تجار الحبوب الأوكرانية «UGA»، في وقت سابق، بأن صادرات القمح الأوكرانية، تراجعت بنحو 20% إلى 1.58 مليون طن في نوفمبر الماضي، من 1.98 مليون طن في أكتوبر؛ حيث تعد أوكرانيا واحدة بين أكبر زارعي ومصدري القمح في العالم، لكن صادراتها تراجعت بشكل كبير بسبب الغزو الروسي، كما تراجع إنتاج القمح بنسبة الثلث مقارنة بعام 2021.
الجفاف والحبوب
تسببت موجات الجفاف الشديد، في أضرار بالغة لإنتاج القمح في الولايات المتحدة وكندا، والأمطار القياسية في الصين أضرَّت وأخَّرت زراعة أكثر من 18 مليون فدان من الأراضي، أي حوالي ثلث إجمالي الشتاء في الصين، فضلاً عن الجفاف الذي ضرب الأرجنتين؛ حيث أكدت وزارة الزراعة الأرجنتينية، أن القمح أكثر المحاصيل التي تأثرت بالجفاف الذي انتشر في البلاد خلال الآونة الأخيرة، وتأثرت زراعة محصول القمح بموجات الجفاف، مع اكتمال زراعة 42.1% منه بحلول ديسمبر الماضي؛ وهو ما أدى إلى خفض الحصاد المقدر لهذا الموسم إلى 12.4 مليون طن فقط، منخفضًا من 22.4 مليون طن، مسجلة في موسم 2021-2022.
وتفاعلت أسواق السلع الأساسية، بقوة، مع حالة عدم اليقين هذه؛ فأرسلت أسعار القمح إلى أعلى مستويات قياسية خلال العام الماضي.
أهم الدول المنتجة للقمح 2022
تربعت الصين على عرش إنتاج القمح العالمي خلال العام الماضي 2022، حيث أنتجت محصول قياسي بلغ نحو 138 مليون طن من القمح، في حين سيطر الاتحاد الأوروبي على المرتبة الثانية بإنتاج ضخم حوالي 134.7 مليون طن، لتحل الهند في المرتبة الثالثة بمقدار 103 مليون طن، وتبعتهم كلاً من وروسيا 91 مليون طن، والولايات المتحدة 44.9 مليون طن، وكندا 35 مليون طن، وأستراليا 33 مليون طن، وباكستان 26.4 مليون طن، وحلت أوكرانيا في المركز التاسع في قائمة منتجي القمح في العالم خلال العام المنقضي، بإنتاج بلغ 20.5 مليون طن، كما تراجعت بنسبة الثلث مقارنة بعام 2021، وفقا لوكالة إنترفاكس.
وعلى الرغم من الهجمات الروسية، أنتجت أوكرانيا قمحًا أكثر من الأرجنتين 17.5 مليون طن، وتركيا 17.25 مليون طن، والمملكة المتحدة 14.6 مليون طن، وإيران 13.2 مليون طن، وكازاخستان 13 مليون طن، ومصر 9.8 مليون طن، والبرازيل 9.2 مليون طن، وأوزبكستان 6.6 مليون طن.
عدم اليقين يهيمن على عام 2023
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية في نفق مظلم؛ وهو ما عزز المخاوف من تراجع محتمل في إنتاج القمح، ظهرت بوادره من توقعات مخيبة للآمال، بالنسبة لإنتاج وصادرات أوكرانيا من المحاصيل الزراعية.
ويتوقع أن يستمر تقليص الإمدادات الأوكرانية بشكل ملحوظ في 2023؛ بسبب الاضطرابات الناجمة عن الحرب في دورة المحاصيل، وفي الوقت نفسه، سيؤدي الدور المهيمن لروسيا في إنتاج الأسمدة؛ لاستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية لأشهر قادمة.
وتعرف أوكرانيا على أنها «سلة خبز» أوروبا؛ بفضل تربتها الخصبة بشكل استثنائي، واليوم تصدر 10% من القمح العالمي، حيث يمثل القمح والذرة 65% من إنتاج الحبوب في أوكرانيا، ويتم إنتاج القمح الأوكراني في الغالب، في مناطق «خاركيف ودنيبرو وزابوريزهيا وأوديسا»- شرق وجنوب البلاد-، وتعتبر جميع هذه المناطق حاليًا، ساحة معركة؛ مما يثير مخاوف بشأن التوقعات الخاصة بإنتاج وتصدير الحبوب في أوكرانيا، خلال العام 2023 إجمالاً ، يمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى توجيه ضربة قاسية لإنتاج الحبوب الأوكرانية وقدرتها على التصدير خلال عام 2023.
ويشير تقييم أوَّلي من منظمة الأغذية والزراعة «فاو» إلى توقعات تراجع الإنتاج بين 20% و30% في المناطق المزروعة بالحبوب الشتوية.
من ناحية أخرى، قال وزير الزراعة الروسي، ديمتري باتروشيف، إن موسكو قد تزيد الحصة المخصصة لتصدير الحبوب خلال موسم المقبل؛ في ظل المحصول القياسي الذي حصدته البلاد.
وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية، تصدير روسيا 1.580 مليار بوشل من القمح خلال عام التسويق 2022-2023 بأكمله، مشيرة إلى أن معدلات الشحن البطيئة في وقت سابق من العام الماضي 2022، قد تعزز قدرات الشحن الروسية خلال 2023.
ويستمر الجفاف، شبحًا، يهدد إنتاج القمح العالمي؛ حيث توقع تقرير أعدته وزارة الزراعة الأرجنتينية، انخفاضا بنسبة 39.4% في موسم محصول القمح المقبل في الأرجنتين، بإنتاج 13.4 مليون طن فقط، مقابل 22.1 مليون طن عن الموسم الماضي.
وأكدت صحيفة «إنفوباي» الأرجنتينة، أن العامل الرئيسي في انخفاض إنتاج القمح في الأرجنتين؛ هو قلة الأمطار، ودرجات الحرارة المنخفضة، والصقيع في فترة الإزهار للمحصول، وتوقعت تراجع إنتاج القمح بنسبة 40%.