22 نوفمبر 2024 20:30 20 جمادى أول 1446

رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر

أسواق للمعلومات
  • شركات صلاح أبودنقل
اقتصاد

الصين أبرز الشركاء التجاريين المستفيدين من منطقة التجارة الحرة الأفريقية

صورة أرشيفية- أحد الموانئ
صورة أرشيفية- أحد الموانئ

مع إطلاق دول القارة الأفريقية أوائل العام الجاري منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تعد أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية بقيمة اقتصادية تبلغ 3.4 تريليون دولار وتضم 1.3 مليار شخص، تتعلق الآمال في أن تساهم المنطقة في تغيير الأوضاع بالقارة السمراء نحو الأفضل عبر تيسير التجارة البينية القارية وتعزيز النمو الاقتصادي، إلا أن هناك آراءً ترى أن دولا مثل الصين لن تسمح بحدوث ذلك باعتبارها المستفيد الأول من المنطقة.


وذكرت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أنه عندما تم اقتراح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في قمة الاتحاد الأفريقي عام 2012، كان لها هدفان يتمثلان في وضع أجندة أفريقية للتجارة والتعاون، وانتشال نسبة كبيرة من الناس من براثن الفقر من خلال إحداث تغييرات اقتصادية هيكلية وتشريعات تعاونية.


ويعتبر تأسيس الكتلة (منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية) بمثابة تحول كبير في التجارة والتنمية الأفريقية، حيث لسنوات اقتصرت التجارة الأفريقية في الغالب على المسارات الاستعمارية، بمعنى قيام دول القارة بالتداول على المستوى الدولي أكثر من التجارة البينية.


وفي ظل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ذات الإمكانات الاقتصادية والبشرية الهائلة، كان من المفترض أن تتبدل الأوضاع في إفريقيا، غير أنه مع دخول الكتلة التجارية حيز التنفيذ منذ أشهر قليلة، لن تكون الدول الأفريقية من يجني أكبر فوائدها، ولكن ستكون بكين المستفيد الأكبر.


وتعتبر الصين حاليا الشريك التجاري الأبرز في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهو ما جعلها في وضع يمكنها من تشكيل السياسة عبر القارة.. فمن خلال حجم الإنفاق الضخم، تحول بكين السياسة الأفريقية لصالحها.


فعلى سبيل المثال، بعد تعهدات بضخ استثمارات صينية بقيمة 40 مليار دولار في نيجيريا، خفضت الحكومة النيجيرية الوضع الدبلوماسي لتايوان وأمرت البعثة التجارية لتايبيه بالخروج من أبوجا.. ويمكن أيضا رؤية نفوذ الصين في الأمم المتحدة.. ففي يونيو 2020، دعمت 25 دولة أفريقية بكين خلال تصويت حول قانون الأمن القومي لمنطقة "هونج كونج"، فوجود الصين في إفريقيا هو أمر استراتيجي، وفي مقابل استثماراتها غير المشروطة، يمكن لبكين تطوير حلفاء جدد وتوسيع نفوذها العالمي بطريقة تنافس من خلالها الولايات المتحدة.


ودائما ما تصور بكين نفسها على أنها قوة عظمى متنامية، وهي قصة تستخدمها -وفقا للمجلة الأمريكية- لتسويق نفسها على أنها مناهضة للغرب وداعية للتنمية المتساوية، ومع تضاؤل النفوذ الغربي في إفريقيا، وسعت الصين وروسيا وتركيا شبكاتها عبر القارة من خلال قروض جديدة وصفقات تجارية واتفاقيات عسكرية.


وعلى عكس الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، جاءت العديد من صفقات هذه الدول دون شروط قروض صارمة مرتبطة بحقوق الإنسان، ما جعلهم شركاء مفضلين بشكل خاص.


وبهذه الصفقات، فإن الصين -وليست إفريقيا- في وضع يمكنها من أن تكون الفائز الأكبر من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، حيث سيطرت الشركات الصينية على مشاريع تطوير البنية التحتية والنقل في القارة، لاسيما في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.. فعلى سبيل المثال، في عام 2018 شكل التمويل الصيني أكثر من ربع المخصصات لتطوير البنية التحتية في إفريقيا والمقدرة بنحو 100 مليار دولار، وفي العام السابق، فازت الشركات الصينية بما يقدر بنحو 50% من عقود الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد في القارة.


وقال إفرايم جلاميش الباحث في القانون الاقتصادي الدولي "تقدم الصين نفسها كمسرع ومحفز للنمو من خلال البنية التحتية، لاسيما في الأماكن التي تعاني من مشكلة في القدرات المحلية.. ويعد هذا الأمر جذابا بشكل خاص في إفريقيا التي فاتتها ثورة صناعية وبالتالي تعتمد على التجارة الدولية للحصول على غالبية سلعها النهائية.


واليوم، لايزال السوق الأفريقي يعتمد بشكل مفرط على تصدير السلع الأولية الأساسية، ومع انخفاض قيمة الإنتاج لهذه السلع وثغرات البنية التحتية في القارة، فإن الصناعة ليست مربحة بما يكفي لخلق فرص عمل محلية والحفاظ على الإنتاج في الداخل، لذا يتم شحن هذه المواد الخام إلى الصين ثم إعادة استيرادها مرة أخرى كمنتجات مكتملة الصنع.


وبدلا من الشراكة الاقتصادية المتساوية التي تتحدث عنها بكين، نجد الصفقات التجارية تميل أكثر إلى تفضيل الصين.. فاليوم، تستورد البلدان الأفريقية مجموعة متنوعة من السلع والتكنولوجيا من الصين، بينما تصدر في الغالب سلعا مثل الفحم والنفط والذهب والحبوب.


ومنذ عام 2000، يتحرك الميزان التجاري لأفريقيا مع الصين في اتجاه تنازلي، ما يعني أن واردات القارة تتجاوز صادراتها، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر في المستقبل.. وفي عام 2019، تجاوز العجز التجاري لأفريقيا مع الصين 17 مليار دولار، وأدى حجم هذا العجز إلى تحويل الاعتماد الاقتصادي للدول الأفريقية من شركائها الاستعماريين السابقين إلى بكين في الوقت الراهن.


ونظرا لانجذابها إلى المواد الخام والعمالة الأرخص في القارة، عملت بكين بقوة على بناء المصانع وتوسيع الإنتاج في أفريقيا، ومع استمرار استثمار بكين في الصناعة الاستخراجية، من المرجح أن تعود بعض عمليات التكرير والمعالجة التي يتم إجراؤها عادة في الصين إلى إفريقيا في السنوات المقبلة.


وعلى الرغم من أن هذه العمليات ستظل على الأرجح تحت سيطرة الشركات الصينية، إلا أن ذلك سيكون بمثابة تحول إيجابي للبلدان الأفريقية، ولكن هناك مخاوف على المدى الطويل من أن هذه المكاسب لن تساعد في خلق الوظائف الجديدة المأمولة، لاسيما وأن بكين تقوم في الوقت الحالي بالاستعانة بمصادر خارجية لتصنيع السلع الاستهلاكية المعبأة الرخيصة إلى إفريقيا وتمريرها على أنها خاصة بها، وهو ما سيضر فقط بالدول الأفريقية التي تطمح إلى المنافسة عالميا.

أسواق للمعلومات مصر 2030
الصين الميزان التجاري النفط الذهب
أسواق للمعلومات أسواق للمعلومات
أسواق للمعلومات أسواق للمعلومات