«كورونا» تزيد أوجاع قطاع الأسمنت فى النصف الأول..
أسواق للمعلوماتأزمات متتالية يعيشها قطاع الأسمنت، منذ عدة سنوات، كان سببها الأساسى زيادة المعروض فى السوق المحلية، وضعف الطلب، هذا إلى جانب تدهور أسواق التصدير، لتظهر «كورونا» وتكون بمثابة فاجعة جديدة تزيد من أوجاع القطاع ككل.
قال محللون ماليون ببنوك إستثمار محلية، إن الجائحة الراهنة أثرت سلبًا على أداء قطاع الأسمنت ككل محليًا خلال النصف الأول من العام الجارى، متوقعين إستمرار الضغوط خلال الفترة المتبقية من العام.
ولفتوا إلى أن أزمة القطاع الحقيقة لن تنفرج إلا بوجود دواعم حقيقية تعمل على زيادة الطلب محليًا، إلى جانب فتح أسواق تصديرية جديدة تستطيع الشركات من خلالها بيع الفائض لديها.
وخلال النصف الأول من العام الحالي، جاءت نتائج أعمال الشركات معبرة بشكل واضح عن صعوبة الأجواء الحالية.
بدايةً تحولت «العربية للأسمنت» خلال النصف الأول من 2020 للخسارة على أساس سنوي، ووفقًا للقوائم المالية المجمعة، سجلت الشركة خسائر بلغت 5.6 مليون جنيه مقارنة بربحية 25.4 مليون جنيه فى الفترة المقابلة من العام الماضى.
وتراجعت مبيعات «العربية للأسمنت» بالفترة ذاتها أيضًا إلى 1.32 مليار جنيه، مقابل مبيعات بلغت 1.6 مليار جنيه بالنصف المقارن من 2019.
وأيضًا ارتفعت خسائر شركة «أسمنت سيناء» بنتائج الأعمال المستقلة بنحو %32 بفترة الـ6 شهور الأولى من العام الحالي، حيث سجلت خسائر بقيمة 245.6 مليون جنيه مقارنةً مع 186.3 مليون جنيه بالفترة المماثلة.
أما فيما يتعلق بشركة «جنوب الوادى للأسمنت» فقد أفصحت الشركة عن نتائج الربع الأول فقط من العام الحالي، وصعدت خلالهُ الخسائر بنسبة 8% إلى 41.3 مليون جنيه مقابل 38.4 مليون جنيه بالفترة المقابلة من العام الماضى.
وتراجعت الإيرادات أيضًا بالفترة ذاتها وسجلت 88.7 مليون جنيه مقابل 296.7 مليون جنيه خلال نفس الربع من 2019.
كما هبطت مبيعات شركة «مصر للأسمنت – قنا» خلال النصف الأول من العام الحالي، إذ بلغت 1.3 مليار جنيه مقارنة مع 1.5 مليار جنيه بالفترة المماثلة، فيما زاد صافى الربح النهائى إلى 63 مليون جنيه مقابل 15 مليون جنيه بالفترة المماثلة، وهو ما ارجعتهُ الشركة لعوامل استثنائية.
فاروق مصطفى: أوضاع الصناعة متردية من قبل ظهور الجائحة.
قال فاروق مصطفى عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء، والعضو المنتدب بشركة «مصر بنى سويف للأسمنت»، إن صناعة الأسمنت بالسوق المصرية تشهد أحوالًا متدهورة من قبل بدء الجائحة الحالية.
ولفت إلى أن الجائحة زادت من حدة المعاناة، وخاصة فى ظل قرار منع تراخيص البناء لعدة شهور.
كانت وزارة التنمية المحلية، أصدرت مطلع يونيو الماضى قرارًا بوقف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها للمساكن الخاصة مع إيقاف استكمال أعمال البناء للمبانى الجارى تنفيذها لمدة 6 أشهر بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار مصطفى، إلى أن ميزانيات الشركات خلال النصف الأول من العام الجاري عبرت عن الوضع الراهن الذى تعيشهُ الشركات.
وقال عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولي التشييد والبناء، أن الاتحاد دائم التواصل مع مجلس الوزراء بشأن محاولات خفض التكاليف للقطاع الصناعى ومصنعي الأسمنت على وجه الخصوص.
يُذكر أن مبيعات شركة «مصر بني سويف للأسمنت» تراجعت خلال تلك الفترة إلى 621.2 مليون جنيه، مقابل مبيعات بلغت 889.8 مليون جنيه فى النصف المقارن من العام الماضي.
فيما ارتفعت ربحية الشركة بحوالى 94% وحققت أرباحًا بلغت 88.77 مليون جنيه خلال الستة أشهر الأولى من 2020، مقابل أرباح بلغت 45.66 مليون جنيه فى الفترة المقارنة من 2019.
وأظهرت القوائم المالية للشركة فى تلك الفترة، أنها تمكنت من الهيمنة على تكلفة المبيعات وقلصتها لتُسجلل 598 مليون جنيه مقارنة مع 846.5 مليون جنيه بالفترة المناظرة، وأيضًا خفضت الشركة مصروفات التسويق وبلغت 3.4 مليون جنيه مقابل 4.7 مليون جنيه.
كما قللت الشركة المصروفات العمومية والإدارية لتبلغ 7.7 مليون جنيه، مقابل 9.6 مليون جنيه، وأظهرت القوائم أيضًا أن الشركة حققت حوالى 9 ملايين جنيه عائد استثمارات فى وثائق صندوق استثمار البنك الأهلى مقابل لا شئ بالفترة المماثلة، حيث ساعدت تلك العوامل الاستثنائية على الصعود بربحية الشركة.
العربى الإفريقى: نتوقع استمرار أداء الشركات الراهن بنهاية العام الحالى.
وقالت ريهان حمزة المحلل المالي لقطاع الأسمنت بشركة «العربى الأفريقي»، إن أوضاع صناعة الأسمنت بمصر متردية منذ سنوات عدة، فيما جاءت «كورونا» بمثابة أثر سلبى جديد على الشركات.
وأوضحت، أنهُ خلال النصف الأول من العام الجاري، واجه القطاع تدهواً أكثر فى معدلات الطلب، وخاصة عقب قرار وقف التراخيص، مشيرةً إلى أن ذلك أدى لخفض سعر البيع وهو ما كان بمثابة عامل سلبى إضافى على الشركات أيضًا.
ولفتت حمزة، إلى أن أزمات القطاع الحقيقة تتمثل فى مشكلة تدنى الطلب وايضًا إنخفاض أسعار البيع، مرجحةً عدم تحسن اوضاع القطاع خلال الفترة المقبلة، حتى وإن حاولت الحكومة خفض أسعار الغاز.
واشارت المحلل المالى بـ«العربى الإفريقى» إلى أن الحكومة المصرية كانت قد قررت خفض أسعار الغاز للقطاع الصناعى عدة مرات سابقًا، وعلى الرغم من ذلك لم تستفد شركات الأسمنت بسبب إعتمادها فى التشغيل على الفحم.
وقالت، إن أى خفض فى تكاليف الإنتاج يتبعهُ مباشر انخفاض فى اسعار البيع، وبالتالى تكون الاستفادة صفرية.
وتوقعت حمزة، أن تستمر أحوال الشركات متدهورة من حيث معدلات الربحية ووضع المبيعات بالفترة المتبقة من العام الجاري، وخاصة فى ظل عدم تحسن أسعار البيع.
واوضحت أنهُ مع ظهور الجائحة الحالية، عاشت كافة قطاعات مواد البناء والتشييد أجواء مستعصية بداية من قطاع العقارات، وايضًا قطاع الحديد والصلب والأسمنت وغير ذلك.
فاروس: المبيعات انخفضت %12 خلال الربع الثانى
وفى السياق ذاتهُ قالت وحدة بحوث بنك الاستثمار «فاروس»، إن شركات الأسمنت واجهت تحديات كبيرة خلال الربع الثانى من العام الحالى، ومن ضمنها إجراءات الإغلاق لإحكام السيطرة على انتشار فيروس كورونا، وأيضًا وانخفاض عدد ساعات عمل مواقع الإنشاءات خلال شهر رمضان لتبدأ من وقت الإفطار حتى ساعة بدء الحظر (أقل من ثلاث ساعات)، وقرار وقف إصدار تصاريح البناء لمدة ستة أشهر فى مدن المحافظات وعواصمها.
وأضافت «فاروس» فى بيان صحفى لها حصلت «المال» على نسخة منهُ، أن إجمالى حجم مبيعات الأسمنت على مستوى السوق المحلية وأسواق التصدير بلغ 10.1 مليون طن فى الربع الثانى 2020، متراجعًا بنحو %12 سنويًا و%61.4 ربعيًا.
وأوضحت أن معدلات الاستخدام بلغت %59 فى النصف الأول 2020، و%55 فى شهر يونيو الماضي.
وتوقعت «فاروس» أن تشهد أحجام المبيعات تحسنًا طفيفًا فى الربع الثالث 2020، على أن تبدأ مرحلة التعافى التدريجى فى الربع الرابع من هذا العام بالتزامن مع تعافى معدلات الطلب الربعية فى القطاع الخاص على مواد البناء، خاصة فى حالة استئناف نشاط استخراج تراخيص البناء.
وأشارت إلى أن متوسط سعر بيع التجزئة، وصل فى الربع الثانى 764 جنيها للطن بانخفاض %5 ربعيًا، و %9 سنويًا، موضحةً أن سعر الطن يقترب من حاليًا من 740 جنيه، وهو أفضل بكثير من السعر المسجل فى يونيو 2020 عند 725 جنيها.
ورجحت أيضًا فى تقريرها البحثي، أن تعود الأسعار إلى مستويات ما قبل الجائحة، وهى مستويات لم تكن مجدية لنتائج الشركات.
وتابعت: «لا شك أن ضعف مستويات التسعير أثر بالسلب على منتجى الأسمنت الكبار خلال الربع الثانى، إلا أن خفض أسعار الكهرباء بواقع 10 قروش فى الربع الثانى أنقذ الهوامش، وساعد على إبقاء تأثير انخفاض الأسعار تحت السيطرة».
إتش سى: التعافى يتطلب فترة تفوق تحمل المصنعين.
كما ألقت إتش سى لتداول الأوراق المالية الضوء على صناعة الأسمنت فى مصر، مؤكدة أنه «من غير المحتمل أن نشهد قاعا للأسعار دون تدخل مباشر من الحكومة وهذا الأمر مطروح حاليا.
وقالت مريم رمضان، محلل القطاع الصناعى بشركة اتش سي، إن تعافى القطاع الصناعى سوف يتطلب فترة تفوق تحمل المصنعين الحاليين بفرض عدم حدوث أى متغيرات أخرى.
وأوضحت أن سلسلة من الانتكاسات (من تضرر أسواق التصدير، إلى ازالة المساكن غير الرسمية، ظروف فيروس كورونا، إلى وقف تصاريح البناء فى العواصم) أدت إلى وضع الصناعة فى حالة يرثى لها.
وأضافت رمضان أن عام 2020 هو العام الرابع من التراجع المتتالى فى حجم مبيعات القطاع.
وأشارت، إلى أن أسعار الاسمنت لازالت منخفضة فى الوقت الذى يُفترض أن يكون موسما جيدا قبل أن يحل الربع الرابع الذى يشهد منافسة سعرية شديدة وخصومات نهاية العام لتحقيق المبيعات المستهدفة وتفريغ المخزون.
ولفتت إلى أن المصنعين قد قللوا من احتمالات تعويض انخفاض الطلب بعد رفع حظر البناء.
وتعانى شركات الأسمنت العاملة بالسوق المحلية، من ضعف شديد فى الطلب، مع تُخمة بالمعروض، وغلق كامل للحلقات التصديرية بسبب تراجع تنافسية الأسعار، ما أثر على إيرادات الشركات إما بتضاعف الخسائر أو بتراجع الربحية.
وتشمل شركات الأسمنت المُدرجة بالبورصة المصرية: الإسكندرية أسمنت بورتلاند، وجنوب الوادى للأسمنت، والعربية للأسمنت، ومصر بنى سويف للأسمنت، ومصر للأسمنت – قنا، والسويس للأسمنت، وتابعتها أسمنت طرة المتوقف نشاطها نتيجة الضغوط التى يواجهها القطاع.
كان مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعلن خلال مارس المنقضي، عن حزمة قرارات مهمة لدعم قطاع الصناعة، والتعامل مع التداعيات الاقتصادية لفيروس «كورونا المستجد»، وتضمنت خفض سعرالغازالطبيعى للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقررخفض أسعارالكهرباء للصناعة للجهدالفائق والعالى والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعارالكهرباء لباقى الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 إلى 5 أعوام مقبلة.